مع اقتراب شهر ذي الحجة لعام 1446 هجري، الموافق لعام 2025 ميلادي، يتجدد الحديث عن الأيام العشر الأوائل من هذا الشهر الفضيل، والتي تُعد من أفضل أيام السنة عند الله تعالى. ففيها تتضاعف الحسنات، وتُغفر الذنوب، وتُفتح أبواب الجنة. إنها فرصة ذهبية للمسلمين لاغتنام الأجر العظيم، والتنافس في الطاعات، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
أيام مباركة ذات فضل عظيم:
تُشير النصوص الشرعية إلى عظيم فضل هذه الأيام، فقد أقسم الله تعالى بها في القرآن الكريم: "والفجر وليال عشر" (الفجر: 1-2). كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الليالي العشر هي العشر الأوائل من ذي الحجة. وهذا القسم الإلهي يُشير إلى شرف هذه الأيام وعظيم مكانتها.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"
جزاء صيام الأيام العشر (ما عدا يوم العيد):
يُستحب صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، وخاصةً يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) لغير الحاج. أما يوم عيد الأضحى (العاشر من ذي الحجة) فيحرم صيامه.
- فضل صيام يوم عرفة: يعتبر صيام يوم عرفة من أعظم الأعمال الصالحة في هذه الأيام. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صيام يوم عرفة: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (رواه مسلم). وهذا يدل على أن صيام هذا اليوم يكفر ذنوب سنتين، وهو فضل عظيم لا يُضاهى.
- فضل صيام الأيام الثمانية الأخرى: وإن لم يرد نص خاص بفضل صيام كل يوم على حدة من هذه الأيام، إلا أنها تندرج تحت عموم فضل العمل الصالح فيها، حيث تضاعف الأجور والحسنات. فصيام كل يوم منها يعتبر طاعة عظيمة يتقرب بها المسلم إلى ربه.
جزاء قيام الليل في العشر:
لا يقتصر فضل هذه الأيام على الصيام فحسب، بل يشمل جميع أنواع الطاعات، ومنها قيام الليل. فقيام الليل في هذه الأيام فرصة عظيمة للتضرع والدعاء، والاستغفار، وتلاوة القرآن.
- فضل قيام الليل بشكل عام: قيام الليل من أفضل العبادات وأجلّها، وفيه مناجاة لله تعالى في جوف الليل حيث ينزل سبحانه إلى السماء الدنيا.
- قيام الليل في العشر: قيام الليل في هذه الأيام المباركة يضاعف الأجر والثواب، ويجعل الدعاء أقرب للإجابة. ففي هذه الأيام، يزداد العبد قرباً من ربه، وتتفتح له أبواب الرحمة والمغفرة.
أعمال مستحبة في عشر ذي الحجة:
بالإضافة إلى الصيام والقيام، يُستحب الإكثار من الأعمال الصالحة الأخرى في هذه الأيام المباركة، مثل:
- الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
- الأضحية: وهي سنة مؤكدة للقادر عليها، وفيها تقرب إلى الله تعالى وإطعام للمساكين والفقراء.
- الصدقة: الإكثار من الصدقات في هذه الأيام له أجر عظيم ومضاعف.
- قراءة القرآن: تدبر آيات الله وتلاوتها بخشوع.
- الدعاء: الإكثار من الدعاء لأنفسنا ولأهلينا وللمسلمين، وخاصة في يوم عرفة.
- صلة الأرحام: زيارة الأقارب والأرحام والاهتمام بهم.
- التوبة والاستغفار: استغلال هذه الأيام الفضيلة في التوبة الصادقة والرجوع إلى الله.
متى تبدأ عشر ذي الحجة 1446 / 2025؟
وفقاً للحسابات الفلكية، من المتوقع أن يكون أول أيام شهر ذي الحجة لعام 1446 هجري هو يوم الجمعة الموافق 30 مايو 2025. وبناءً عليه، ستكون الأيام العشر الفضيلة كالتالي:
- الجمعة 30 مايو: أول أيام ذي الحجة 1446 هـ.
- السبت 31 مايو: ثاني أيام ذي الحجة.
- الأحد 1 يونيو: ثالث أيام ذي الحجة.
- الاثنين 2 يونيو: رابع أيام ذي الحجة.
- الثلاثاء 3 يونيو: خامس أيام ذي الحجة.
- الأربعاء 4 يونيو: سادس أيام ذي الحجة.
- الخميس 5 يونيو: سابع أيام ذي الحجة.
- الجمعة 6 يونيو: ثامن أيام ذي الحجة.
- السبت 7 يونيو: يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة).
- الأحد 8 يونيو: أول أيام عيد الأضحى المبارك (العاشر من ذي الحجة).
(ملاحظة: هذه التواريخ فلكية وقد تختلف قليلاً بناءً على الرؤية الشرعية للهلال في كل دولة).
إنها أيام قليلة ولكنها غالية، فاجتهدوا فيها بالطاعات والعبادات، واغتنموا هذه الفرصة العظيمة للتقرب إلى الله ونيل رضاه ومغفرته. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلنا من عتقائه من النار في هذه الأيام المباركة.