خدمات جليلة الكويت -
جدل واسع يلف "سحب الجنسية الكويتية" من مُنحت لهم بـ "الخدمات الجليلة": هل تتغير المعايير؟
الكويت - عاد ملف سحب الجنسية الكويتية ليفرض نفسه بقوة على الساحة المحلية، وهذه المرة يتركز الجدل حول حالات سبق وأن مُنحت الجنسية الكويتية تحت بند "الخدمات الجليلة". وقد شهدت منصة "تويتر" تفاعلاً واسعاً تحت وسم "#اسماء_المسحوبة_جناسيهم_اليوم" و "#سحب_الجنسية_الكويتية"، حيث عبر العديد من المغردين عن آرائهم وتساؤلاتهم بشأن هذه الإجراءات.سحب الجنسية من "الخدمات الجليلة" سيترتب عليه أزمات رواتب وعمل ومنازل وقروض والتزامات وحقوق وشركات واسهم وعقارات الخ الخ بما يرفع مخاطر التعامل المالي خارج النظام الرسمي
..الحكومة خففت جزئياً بعض تبعات المادة 8 لكن الاعمال الجليلة وبالتبعية عددهم وأثرهم اكبر ..فما العمل؟
ووفقاً لمعلومات متداولة وتقارير إخبارية، فإن اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية تواصل مراجعتها لملفات الجنسية، وقد طال قرار السحب مؤخراً أسماء اكتسبت الجنسية تقديراً لـ "خدمات جليلة" قدموها للبلاد في فترات سابقة. هذا التوجه الجديد يثير تساؤلات جوهرية حول المعايير الحالية لتقييم هذه "الخدمات الجليلة" وإمكانية تغير هذه المعايير بمرور الوقت.
"الخدمات الجليلة": بند يمنح الجنسية تقديراً للعطاء
لطالما كان بند "الخدمات الجليلة" في قانون الجنسية الكويتية وسيلة لتكريم وتقدير الأفراد الذين قدموا إسهامات استثنائية للبلاد في مختلف المجالات، سواء كانت ثقافية، علمية، فنية، أو حتى في مجالات التنمية والعمل الوطني. وقد مُنحت الجنسية الكويتية بموجب هذا البند للعديد من الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الكويت.
إلا أن قرار سحب الجنسية من بعض هؤلاء الأشخاص اليوم، وبعد سنوات من منحها، يفتح الباب للتساؤل عن الأسباب التي أدت إلى هذا التغيير في التقييم. هل ظهرت معلومات جديدة؟ هل تغيرت وجهة نظر الدولة تجاه طبيعة هذه "الخدمات"؟ أم أن هناك معايير أكثر صرامة يتم تطبيقها حالياً؟
تفاعل واسع على تويتر وتساؤلات مشروعة
شهدت منصة "تويتر" تفاعلاً كبيراً مع هذه الأنباء. فقد عبر العديد من المغردين عن استغرابهم وصدمتهم من سحب الجنسية ممن قدموا "خدمات جليلة" للكويت، متسائلين عن الرسالة التي تبعث بها هذه الإجراءات. ورأى البعض أن هذا القرار قد يقلل من حماس الآخرين لتقديم أي إسهامات للبلاد في المستقبل، خوفاً من تغير التقدير بمرور الوقت.
في المقابل، دافع آخرون عن حق الدولة في مراجعة ملفات الجنسية والتأكد من استحقاقها وفقاً للقوانين واللوائح المعمول بها، حتى وإن كانت قد مُنحت في السابق تحت أي بند. وأشار هؤلاء إلى أن "المصلحة العليا للبلاد" قد تتطلب اتخاذ مثل هذه الإجراءات في حال وجود ما يستدعي ذلك.
سحب الجنسية من "الخدمات الجليلة" سيترتب عليه أزمات رواتب وعمل ومنازل وقروض والتزامات وحقوق وشركات واسهم وعقارات الخ الخ بما يرفع مخاطر التعامل المالي خارج النظام الرسمي جاء في قانون الجنسية لسنة 1959، تعداد الحالات التي يجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – منحهم الجنسية الكويتية، ففي المادة الرابعة البند الرابع
(أن يكون على كفاية أو أن يقوم بخدمات تحتاج إليها البلاد)، وفي المادة الخامسة تحت البند أولاً (من أولى للبلاد خدمات جليلة)، وثار الجدال مجدداً في تفسير هذه المواد من الدستور فهناك من يضيق ويمنع وهناك من يوسع ويشفع.
قررت السلطات الكويتية، اليوم الخميس، سحب وفقد الجنسية الكويتية من 640 شخصاً لأسباب يتعلق معظمها بـ«المصلحة العليا للبلاد»، بالإضافة للغش والتزوير.
وقالت وزارة الداخلية الكويتية، في منشور عبر منصة «إكس»، إن اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية عقدت اجتماعاً اليوم الخميس برئاسة رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، ووزير الداخلية الشيخ فهد يوسف سعود الصباح رئيس اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، وقررت سحب الجنسية الكويتية من عدد 640 حالة.
وجاءت غالبية حالات سحب الجنسية بدعوى «المصلحة العليا للبلاد»، حيث تم سحب الجنسية من 375 لحالات اكتسبت الجنسية سابقاً بناءً على بند «الخدمات الجليلة»، استناداً إلى المادة «13» فقرة 4، كما شمل السحب من اكتسب الجنسية بالتبعية لهذه الحالات.
وينص قانون الجنسية الكويتية الصادر عام 1959 على إمكان «منح الجنسية بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية» لحالات بينها «من أدى للبلاد خدمات جليلة».
وكانت هذه المادة محل تجاذب دائم واستغلال سياسي في التجاذبات بين مجلس الأمة والحكومات المتعاقبة، خصوصاً حول تعريف «الخدمات الجليلة» التي تؤهل المرشح لنيل الجنسية.
كما تمّ سحب الجنسية من 197 حالة أخرى ومن اكتسب الجنسية بالتبعية لهم، بدعوى «الغش والأقوال الكاذبة - المصلحة العليا للبلاد»؛ وذلك بناءً على المادتين «13» فقرة 1 و4، وترتبط هذه الحالات بـ«إحصاء 1965».
وأشارت الوزارة إلى وجود حالتين فقدتا الجنسية الكويتية بسبب «الازدواجية»، وذلك استناداً إلى المادة «10» من قانون الجنسية، وهي المادة التي تنص على فقدان الجنسية في حال اكتساب الشخص لجنسية أخرى دون إذن من الحكومة الكويتية.
وتمّ سحب شهادة الجنسية الكويتية من 66 حالة غش وأقوال كاذبة «تزوير»، وممن يكون قد اكتسبها معهم بطريق التبعية، وفقاً للمادة «21 مكرر أ» من قانون الجنسية الكويتية رقم «15» لسنة 1959 وتعديلاته.
..الحكومة خففت جزئياً بعض تبعات المادة 8 لكن الاعمال الجليلة وبالتبعية عددهم وأثرهم اكبر ..فما العمل؟غياب الشفافية يغذي التكهنات
إن غياب معلومات رسمية مفصلة حول أسباب سحب الجنسية من هذه الحالات تحديداً، يساهم في تغذية التكهنات وانتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويطالب العديد من المراقبين والنشطاء بضرورة خروج الجهات الرسمية بتوضيحات شافية حول المعايير الجديدة التي يتم تطبيقها في مراجعة ملفات "الخدمات الجليلة"، لضمان الشفافية والعدالة في هذه الإجراءات.
تأثير محتمل على الثقة والتقدير
قد يكون لسحب الجنسية من شخصيات مُنحت لها تقديراً لـ "خدمات جليلة" تأثير سلبي على ثقة المجتمع في آليات التقدير والتكريم التي تتبعها الدولة. كما قد يرسل رسالة ضمنية مفادها أن التقدير السابق قد لا يكون دائماً ضماناً للاستمرار في التمتع بحقوق المواطنة.
دعوة إلى الوضوح وتطبيق القانون بعدالة
في الختام، يبقى ملف سحب الجنسية الكويتية من مُنحت لهم بـ "الخدمات الجليلة" قضية حساسة تتطلب تعاملاً دقيقاً وشفافية كاملة من الجهات المعنية. إن توضيح المعايير الجديدة وأسباب اتخاذ مثل هذه القرارات من شأنه أن يقلل من حالة الجدل والقلق في المجتمع، ويضمن تطبيق القانون بعدالة ووضوح على الجميع. ويبقى السؤال مطروحاً: هل نشهد تغيراً جذرياً في نظرة الكويت وتقديرها لـ "الخدمات الجليلة" التي قدمت لها في الماضي؟