
بعد طول انتظار.. "إفراجات الصحة" تبدأ رحلتها إلى المالية: 2960 موظفاً على دفعتين.. التزام أكتوبر وبقية المستحقين في نوفمبر
طرابلس- خاص
يمثل ملف "الإفراجات المالية" أحد القضايا الشائكة والمزمنة في القطاع العام الليبي، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الصحة، التي يقف منتسبوها في الصفوف الأمامية لتقديم الخدمات الأساسية. وفي خطوة طال انتظارها وتتسم بالشفافية المعلنة، أعلنت وزارة الصحة عن إتمامها لمعاملات "الإفراجات المالية" لعدد 2960 موظفاً، مع تحديد جدول زمني لتحويل هذه المستحقات إلى وزارة المالية لتسوية صرفها.
ويأتي هذا الإعلان كبشرى سارة لآلاف العاملين في القطاع الصحي، من أطباء ومساعدين وطواقم طبية وإدارية، الذين عانوا لسنوات من تأخير تسوية أوضاعهم المالية والإدارية.
تقسيم الإفراجات: دفعة أكتوبر وأمل نوفمبر
وفقاً للتفاصيل التي تم تداولها، تم تقسيم عملية تسوية المستحقات المالية لهؤلاء الموظفين على مرحلتين رئيسيتين:
دفعة شهر أكتوبر (الجزء الأول): تم تحويل معاملات الجزء الأول من إجمالي الـ 2960 موظفاً إلى وزارة المالية لتسويتها وصرفها خلال شهر أكتوبر الجاري.
دفعة شهر نوفمبر (الجزء المتبقي): من المقرر أن يتم تحويل معاملات الدفعة المتبقية إلى وزارة المالية في شهر نوفمبر المقبل.
هذا التقسيم، وإن كان يضمن بدء عملية الصرف لبعض المستحقين بشكل عاجل، إلا أنه يشدد على ضرورة التنسيق المحكم بين وزارتي الصحة والمالية، والمصرف المركزي، لضمان أن يكون الإعلان المعلن مطابقاً للتنفيذ على أرض الواقع، خاصة وأن ملف "الإفراجات" ظل يتأرجح بين الإعلانات الرسمية والتأخير في الصرف لعدة سنوات.
قطاع الصحة أولاً: أهمية القرار والتداعيات
تعتبر عملية الإفراجات المالية، وهي تسوية الأوضاع الوظيفية والمالية لمن لم تصدر لهم قرارات إفراج سابقة أو لزيادات مرتبات مقررة (مثل زيادات القرار رقم 885)، ذات أهمية قصوى لقطاع الصحة:
دعم الثقة في النظام: صرف هذه المستحقات يعيد بناء الثقة بين الموظف والدولة، ويؤكد التزام الجهات التنفيذية بإنصاف العاملين في القطاع الصحي، خاصة في ظل التحديات المستمرة التي تواجهها المنظومة الصحية.
تحسين الأداء الوظيفي: تسوية المرتبات والمستحقات المتأخرة تعتبر حافزاً مباشراً للعناصر الطبية والطبية المساعدة، وله أثر إيجابي على معنوياتهم، ما ينعكس بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
معالجة التشوهات الإدارية: ملف الإفراجات هو في جوهره ملف إداري يهدف إلى اعتماد الملاكات الوظيفية وتصحيح الأوضاع القانونية لآلاف الموظفين الذين تم تعيينهم أو نقلهم دون تسوية مالية فورية.
التحديات التي يجب تذليلها
على الرغم من التفاؤل الحذر الذي يصاحب هذا الإعلان، فإن تاريخ ملف الإفراجات المالية في ليبيا يشير إلى وجود تحديات هيكلية يجب تجاوزها لضمان الصرف الفعلي في المواعيد المحددة:
بيروقراطية المراجعة: عملية تحويل المعاملات من "الصحة" إلى "المالية" ثم إلى "المصرف المركزي" تخضع لعمليات تدقيق ومراجعة طويلة ومعقدة (كما أشار وزراء مالية سابقون)، هدفها التأكد من استكمال المستندات المطلوبة ومنع التلاعب، لكنها قد تكون سبباً رئيسياً في تأخير الصرف.
التغطية المالية (الاعتماد): رغم الوفرة في الإيرادات النفطية، يتوقف الصرف على توفر التغطية المالية الفعلية في الميزانية المعتمدة. يجب أن يكون هناك تنسيق مسبق وواضح بين الوزارتين حول مخصصات الدفعتين (أكتوبر ونوفمبر) لتجنب أي تعثر.
انتشار الأخبار الزائفة: لطالما كان ملف الإفراجات عرضة لانتشار الشائعات والأخبار غير الصحيحة عبر صفحات التواصل الاجتماعي. لذا، فإن استمرار وزارة الصحة في اتباع سياسة الشفافية والإعلان عن الأعداد والمواعيد خطوة مهمة لمحاربة الأخبار المزورة وبناء جسر الثقة مع الموظفين.
الخلاصة: عودة الحقوق.. مسؤولية جماعية
إن الإفراجات المالية لـ 2960 موظفاً في قطاع الصحة يمثل فصلاً جديداً في سعي الدولة الليبية نحو تسوية أوضاع موظفيها. إن تحديد المواعيد (أكتوبر ونوفمبر) يعتبر التزاماً يجب أن تلتف حوله كل الأطراف المعنية.
يقع على عاتق وزارة المالية مسؤولية الإسراع في إجراءات التدقيق والتحويل، وعلى المصارف مسؤولية تيسير عملية الصرف. فالعاملون في القطاع الصحي يستحقون إنهاء ملف مستحقاتهم بالكامل، ليتمكنوا من التفرغ لمهامهم النبيلة دون قلق مادي، وهو ما سينعكس على صحة المواطن الليبي بأكمله.