تقرير مركزي صادم: 47 مليار دينار "خارج الرقابة الرقمية".. منظومة "راتبك لحظي" تكشف الفجوة الأكبر وتفضح بطء التحول!
في خطوة نحو المزيد من الشفافية، كشف مصرف ليبيا المركزي لأول مرة بيانات تفصيلية عن منظومة "راتبك لحظي" الحديثة، التي تهدف إلى رقمنة صرف مرتبات العاملين في القطاع العام. ورغم مرور أشهر على إطلاقها، أظهر التقرير الأخير فجوة هائلة في التطبيق، تؤكد استمرار الاعتماد الكاسح على الطرق التقليدية، مع بروز منطقة جغرافية كأكثر المناطق تباطؤاً في التجاوب.
47 مليار دينار "خارج افراجات رواتب الرقابة الرقمية" تكشفها منظومة "راتبك لحظي"
تشير الأرقام الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي (تغطي الفترة من 1 يناير حتى 30 سبتمبر 2025) إلى تباطؤ كبير في الانخراط بمنظومة "راتبك لحظي". فقد بلغ إجمالي الإنفاق على المرتبات خلال هذه الفترة الضخمة 47.2 مليار دينار ليبي صُرفت بالطرق التقليدية (الحوافظ)، مقابل 3.7 مليارات دينار فقط تم تحويلها عبر المنظومة الإلكترونية الجديدة.
هذه النسبة تكشف أن غالبية الإنفاق العام على الرواتب، أي ما يزيد عن 92%، لا يزال يتم بعيداً عن الرقابة اللحظية التي توفرها المنظومة الرقمية، مما يثير تساؤلات جدية حول مدى نجاح جهود التحول الرقمي.
أرقام تكشف بطء الانخراط في المؤسسات العليا:
يوضح التقرير بوضوح مستوى التجاوب الضعيف داخل الهيئات التشريعية والتنفيذية الرئيسية:
| الجهة | إجمالي المرتبات (بالحوافظ) | المبالغ عبر "راتبك لحظي" |
| مجلس النواب | 49.5 مليون دينار | صفر دينار (لم يسجل أي مدخلات) |
| مجلس الدولة | 22.8 مليون دينار | 2 مليون دينار فقط |
| حكومة الدبيبة | 31.7 مليون دينار | 1.4 مليون دينار فقط |
| المجلس الرئاسي | 7 ملايين دينار | 337 ألف دينار فقط |
يُعد عدم تسجيل مجلس النواب لأي مدخلات عبر المنظومة بمثابة المؤشر الأبرز على غياب الالتزام المؤسسي حتى اللحظة، مما يعرقل الهدف الأسمى للمنظومة وهو ضبط الإنفاق العام وتوحيد قاعدة البيانات.
الفجوة الأكبر تتركز في المنطقة الشرقية:
أفاد مصدر خاص، اطلع على سير العمل، أن وتيرة الانخراط في المنظومة لا تزال بطيئة، خاصة بسبب ضعف تجاوب بعض الجهات الرسمية. وكشف المصدر أن "الفجوة الأكبر في البيانات تتركز في المنطقة الشرقية"، مما يشير إلى تفاوت جغرافي واضح يعيق سرعة استكمال التحويلات المالية إلكترونياً على مستوى البلاد.
بدأ المصرف المركزي بتسجيل بيانات العاملين في المنظومة في أغسطس الماضي، وصُرفت أول المرتبات عبرها في سبتمبر. لكن الأرقام الضعيفة تؤكد أن نسبة الاعتماد لا تزال محدودة، رغم مرور أكثر من شهرين على التطبيق الفعلي.
دلالات التقرير: هل تعرقل المقاومة التغيير؟
تكشف هذه الأرقام ثلاثة تحديات رئيسية تواجه عملية الإصلاح المالي في ليبيا:
ضعف التحول الرقمي: استمرار الاعتماد الساحق على الحوافظ التقليدية يشير إلى قصور في البنية التحتية والتدريب، أو مقاومة للتغيير الإجرائي.
غياب الالتزام المركزي: تقاعس مؤسسات عليا عن إدخال بيانات موظفيها يعكس غياب الالتزام الموحد بتعليمات المصرف المركزي.
التفاوت الجغرافي: تركّز الفجوة في منطقة محددة يطرح تساؤلات حول التنسيق بين الجهات الحكومية في مختلف مناطق ليبيا.
إن منظومة "راتبك لحظي" ليست مجرد تطبيق لصرف المرتبات، بل هي أداة رقابية حيوية لضبط الإنفاق العام ومكافحة التوظيف الوهمي. التباطؤ في تطبيقها يضع علامات استفهام كبيرة حول جدية التحول الرقمي والإصلاح المالي في ليبيا.