توزيع اسطوانات الغاز في الجنوب الليبي: خطوة نحو الشفافية والرقابة المجتمعية في منظومة شركة البريقة
مقدمة: أزمة توزيع تعكس تحديات أكبر
شكّلت أزمة توزيع الوقود واسطوانات الغاز المنزلي واحدة من أبرز التحديات التي واجهت المواطن الليبي لسنوات، خاصة في المناطق الجنوبية التي تعاني من شح الخدمات وتباعد المسافات. تحولت محطات الوقود ومراكز توزيع الغاز إلى ساحات للازدحام والانتظار لساعات طوال، وسط شكاوى متكررة من سوء التنظيم وعدم عدالة التوزيع، وما رافق ذلك من ظواهر سلبية مثل التسريب إلى السوق السوداء والتربح غير المشروع. في خضم هذه التحديات، تبرز محاولات مؤسسات الدولة لاحتواء الأزمة وترتيب العملية.
الإعلان الهام: فتح قنوات اتصال مباشرة مع المواطن
في خطوة تهدف إلى معالجة هذه الإشكاليات، أعلنت شركة البريقة لتسويق النفط – إحدى الركائز الأساسية في قطاع الطاقة الليبي – عن تخصيص خطوط اتصال مباشرة مع غرفة العمليات الرئيسية في منطقة سبها. جاء هذا الإعلان بمثابة رسالة طمأنة للمواطن في مدن ومناطق الجنوب، مفادها أن الشركة ليست بمعزل عن معاناته، وأنها تسعى إلى إشراكه بشكل فعّال في حلحلة المشكلة.
الأرقام المعلنة للتواصل:
📞 0916286600
📞 0920070195
هذان الرقمان ليسا مجرد وسيلة اتصال عادية، بل يمثلان جسراً للثقة بين المؤسسة والمواطن، وجزءاً من منظومة رقابية داخلية أوسع.
الرؤية والهدف: إشراك المواطن في الرقابة
أوضحت الشركة أن هذه المبادرة تأتي في إطار متابعة العمليات الجارية في الجنوب، وذلك تحت الإشراف المباشر لـ عضو مجلس الإدارة ميلاد الهجرسي وإدارة التفتيش بالشركة. هذا التوجيه من مستوى إداري رفيع يعطي الحملة زخماً ومصداقية، ويؤكد على أنها ليست إجراءً شكلياً، بل جزءاً من استراتيجية حقيقية لإصلاح الخلل.
الهدف المعلن يتمثل في:
استقبال البلاغات والملاحظات: على مدار 24 ساعة، يمكن لأي مواطن يواجه مشكلة في محطة وقود أو مع موزع اسطوانات غاز تقديم بلاغ فوري. هذه المشاكل قد تشمل:
احتكار التوزيع أو بيعه في السوق السوداء.
عدم الالتزام بجدول التوزيع المعلن.
سوء المعاملة من قبل العاملين.
توقف محطات التوزيع عن العمل دون مبرر.
أي تجاوزات أو ممارسات غير نظامية.
تعزيز الشفافية: تعتمد العديد من المشاكل على عدم وضوح آلية العمل. فتح قنوات اتصال مباشرة يجعل العملية أكثر شفافية، حيث يصبح المواطن شريكاً في المعلومة وعيناً على الأرض.
منع التجاوزات: الخوف من المساءلة هو رادع قوي. معرفة الموزعين والمحطات أن هناك قناة مباشرة للإبلاغ عن أي تجاوز ستجعلهم أكثر التزاماً بالأنظمة والتعليمات.
ضمان العدالة في التوزيع: الهدف النهائي هو ضمان وصول اسطوانات الغاز والوقود إلى المواطنين المستحقين في وقتهم وبالطريقة العادلة التي تستحقها، دون تمييز أو محسوبية.
تحليل المنظومة الداخلية لشركة البريقة
هذا الإعلان لا يعمل في فراغ، بل هو جزء من "منظومة شركة البريقة الداخلية" المتكاملة التي تشمل:
غرفة العمليات بسبها: تعمل كمركز قيادة وسيطرة، تتلقى البيانات من الميدان وتنسق بين مختلف الأطراف.
إدارة التشتيت: تلعب دور الرقيب الداخلي، حيث تتابع البلاغات الواردة وتحقق في صحتها، وتتخذ الإجراءات التأديبية اللازمة بحق المخالفين.
المستوى الإداري (عضو مجلس الإدارة): يضمن الدعم السياسي والإداري اللازم للمنظومة، ويسهل تذليل العقبات البيروقراطية.
دخول المواطن كطرف في هذه المعادلة ("الرقابة المجتمعية") يضاعف من فاعلية المنظومة، حيث أن أعين المواطنين المنتشرين في كل مكان هي أفضل نظام مراقبة لا يمكن تخطيه.
التحديات المتوقعة وسبل التغلب عليها
رغم الإيجابية الكبيرة لهذه الخطوة، إلا أن نجاحها مرهون بالتغلب على بعض التحديات:
الاستمرارية: أن لا تكون الحملة موسمية أو إعلامية بحتة، بل يجب أن تصبح سياسة دائمة للشركة.
سرعة الاستجابة: أن يلمس المواطن أثراً لإبلاغه. إذا قدم بلاغاً ولم يرَ أي تغيير، سيفقد الثقة في العملية برمتها.这就要求 وجود آلية سريعة للتحقق والتحرك.
حماية المبلغين: يجب ضمان سرية هوية المبلغين وحمايتهم من أي انتقام محتمل من قبل الموزعين أو المحطات المخالفة.
التوعية الإعلامية: ضرورة شن حملة إعلامية مكثفة في الجنوب لتوعية المواطنين بهذه الأرقام وآلية عملها، لضمان وصول المعلومة للجميع.
خاتمة: نحو عقد اجتماعي جديد بين المؤسسة والمواطن
إعلان شركة البريقة لتسويق النفط بشأن خطوط التواصل المباشر هو أكثر من مجرد أرقام هواتف. إنه إعلان عن نية لتغيير ثقافة العمل وبناء عقد اجتماعي جديد قائم على الشفافية والمساءلة والمشاركة.
هذه الخطوة، إذا ما أحسنت الشركة تطبيقها ووفرت لها الدعم اللازم، يمكن أن تكون نموذجاً يُحتذى به من قبل مؤسسات الدولة الأخرى. فهي تحول المواطن من متلق سلبي للخدمة إلى شريك فاعل في رقابتها وتحسينها. في النهاية، ضمان وصول اسطونة غاز إلى بيت عائلة في أقصى الجنوب في وقتها المحدد، هو تجسيد حقيقي لمعنى العدالة الاجتماعية وعودة هيبة الدولة من خلال خدمة مواطنيها بأفضل صورة.
ملاحظة: هذا المقال هو توسيع وتحليل للإعلان الأصلي، ويمكن استخدامه كمادة توعوية أو تحليلية في وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي التابعة للشركة أو الجهات المعنية.