القائمة الرئيسية

الصفحات

Ads by Google X

مرتبات شهر نوفمبر 2025 ليبيا تأخير صرف المرتبات يُفاقم الأزمة المعيشية.. "راتبك لحظي" بين التحدي البيروقراطي وأزمة السيولة المتصاعدة

 

مرتبات شهر نوفمبر 2025 ليبيا تأخير صرف المرتبات يُفاقم الأزمة المعيشية.. "راتبك لحظي" بين التحدي البيروقراطي وأزمة السيولة المتصاعدة

تأخير صرف المرتبات يُفاقم الأزمة المعيشية.. "راتبك لحظي" بين التحدي البيروقراطي وأزمة السيولة المتصاعدة


طرابلس – مع استمرار تأخير إحالة حوافظ المرتبات لما يقارب العشرين يوماً منذ نهاية شهر أكتوبر، تدخل الأسر الليبية في دوامة من القلق والارتباك المالي. هذه الأزمة المتكررة لا تكشف فقط عن خلل فني في منظومة الصرف، بل تُفضي إلى مشهد أعمق يتمثل في ضعف الالتزام المؤسسي وأزمة سيولة خانقة تهدد الاستقرار المعيشي للمواطن، في اختبار حقيقي لفعالية تعليمات الحكومة ومدى جاهزية الجهات العامة للتعامل مع الأنظمة الإلكترونية الحديثة مثل منظومة "راتبك لحظي".


الفجوة الرقمية: 48% من الجهات الحكومية خارج نطاق "راتبك لحظي"

في مؤشر صادم، كشفت البيانات الرسمية أن 52% فقط من القطاعات الحكومية تلتزم بربط بيانات موظفيها بمنظومة "راتبك لحظي" التابعة لوزارة المالية.这意味着 أن nearly نصف الجهات العامة ما تزال تعمل بنظام موازٍ، إما ورقي أو إلكتروني غير مكتمل، مما يحول دون استكمال إجراءات الصرف بالسرعة المطلوبة ويخلق "عنق زجاجة" إدارياً يعرقل تدفق الأموال للموظفين.

مرتبات شهر نوفمبر 2025 ليبيا

هذه الفجوة الرقمية لا تعكس مجرد مقاومة للتغيير، بل تطرح تساؤلات جوهرية حول:

  • القدرة التقنية: هل تمتلك جميع الجهات البنية التحتية والكوادر المؤهلة للتعامل مع المنظومة؟

  • الإرادة الإدارية: هل توجد رغبة حقيقية من قبل بعض المدراء في الخضوع للشفافية التي تفرضها المنظومة، والتي قد تحد من الصلاحيات غير المنضبطة؟

  • ضعف التنسيق: يبدو أن هناك فجوة في التنسيق بين وزارة المالية والجهات الحكومية الأخرى، حيث تصدر التعليمات من جانب دون ضمان الجاهزية الكاملة من الجانب الآخر.

تداعيات مالية واجتماعية: بين مطرقة السيولة وسندان الارتفاع الأسعار

النتيجة المباشرة لهذا التأخير هي خلق حالة من "الارتباك المالي" الجماعي. الموظفون، الذين يعتمد غالبيتهم العظمى على الراتب الشهري لتغطية الأساسيات من طعام ودواء ودفع إيجار، يجدون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه:

  1. اللجوء إلى السوق الموازية: يضطر الكثيرون للاقتراض من الأهل والأصدقاء، أو اللجوء إلى مقرضين بفائدة مرتفعة، مما يدفعهم إلى مزيد من الديون والمشاكل المالية.

  2. تأجيل الالتزامات: يتم تأجيل سداد فواتير الخدمات وشراء الاحتياجات غير العاجلة، مما يخلق تراكماً للالتزامات يزيد العبء في الأشهر القادمة.

  3. الضغط على المصارف: بمجرد الإعلان عن بدء الصرف، تشهد المصارف ازدحاماً غير مسبوق، مما يؤدي إلى طوابير طويلة واستنزاف للوقت والجهد، وقد يصل الأمر إلى انقطاع مؤقت للسيولة في بعض الفروع.

أحد الموظفين، فضل عدم ذكر اسمه، قال: "الراتب لم يعد مجرد راتب، إنه شريان الحياة. كل يوم تأخير يعني خيارات صعبة: أي دواء أشتري لأطفالي، وأي فاتورة أؤجلها على حساب غرامات متأخرة؟".

تحذيرات من أزمة سيولة مركبة

ما يزيد الطين بلة هو أن التأخير لا يخلق أزمة للموظفين فحسب، بل يغذي أزمة سيولة أوسع في الاقتصاد. فالراتب المتأخر يعني:

  • انخفاض القوة الشرائية: تقلص الطلب في السوق المحلي، مما يؤثر سلباً على التجار وأصحاب الأعمال الصغيرة.

  • شلل اقتصادي جزئي: تتباطأ دورة رأس المال، حيث أن الأموال التي كان من المفترض أن تدخل السوق متأخرة، مما يخنق النشاط الاقتصادي.

  • تراجع الثقة في النظام المالي: يتزايد فقدان الثقة في القدرة المؤسسية على إدارة المال العام وتوفير أبسط الحقوق، وهو ما قد يدفع towards مزيد من اللجوء للاقتصاد غير الرسمي.

الحلول المطروحة: بين الإلزام الفوري والمعالجات الهيكلية

لاحتواء هذه الأزمة المتكررة ومنع تفاقمها، يرى مراقبون اقتصاديون أن الحل يجب أن يكون على مستويين:

  • مستوى عاجل (قصير المدى):

    • إلزام جميع الجهات: إصدار توجيهات حازمة وإجراءات مساءلة فورية للجهات المتخلفة عن إدخال بياناتها.

    • توفير بدائل داعمة: تقديم الدعم الفني المكثف للجهات التي تواجه مشاكل تقنية حقيقية في الربط.

    • جدولة الصرف: الإعلان عن خطة زمنية واضحة لصرف المرتبات المتأخرة لتخفيف الذعر والضغط على المصارف.

  • مستوى استراتيجي (طويل المدى):

    • تعزيز البنية التحتية الرقمية: استكمال ربط جميع المؤسسات الحكومية بمنظومة مالية موحدة وشاملة.

    • الإصلاح الإداري: مراجعة الهياكل الإدارية وتدريب الكوادر لضمان كفاءة التشغيل والالتزام.

    • الشفافية: نشر تقارير دورية عن نسب الالتزام بالمنظومة لخلق نوع من "المساءلة المجتمعية" تجاه المؤسسات المتقاعسة.

(خاتمة)
أزمة تأخير المرتبات ليست مجرد خبر عابر في نشرات الأخبار، بل هي جرس إنذار يدق بقوة ينذر باختلال عميق في آلية عمل الدولة. إنها قصة معاناة يومية للمواطن الليبي، وقصة اختبار لمصداقية الإصلاحات الإلكترونية التي تطلقها الحكومة. نجاح منظومة "راتبك لحظي" وغيرها من المنظومات مرهون بمعالجة الثغرة البشرية والإدارية أولاً. فبدون إرادة حقيقية للإصلاح ومساءلة حازمة، ستستمر هذه الحلقات المفرغة من الأزمات، وسيظل الموظف البسيط هو الطرف الأكثر تضرراً في معادلة يعاني منها الجميع.