مستقبل سياسة "سحب الجناسي" في الكويت: توازن بين الأمن وحقوق المواطنة
الكويت – 27 مايو 2025: تُثير سياسة سحب الجنسية في الكويت نقاشاً مستمراً حول كيفية الموازنة بين مقتضيات الأمن القومي وحماية المصلحة العليا للدولة، وبين حقوق المواطنة الأساسية للأفراد. ومع التطورات الإقليمية والدولية، وتزايد الوعي الحقوقي، يُصبح مستقبل هذه السياسة محور اهتمام، في ظل دعوات لإعادة النظر في بعض جوانبها لضمان عدالة أكبر وشفافية أوسع.
اصدر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح قراراً وزارياً بتكليف وكيل الوزارة المساعد لشئون الجنسية والاقامة اللواء علي مسفر العدواني بالاضافة الي عمله القيام بأعمال وكيل الوزارة
سحب الجنسية من 22 شخصًا في الكويت: استمرار حملة التصحيح
في خطوة جديدة ضمن حملة مراجعة ملفات الجنسية، صدر مرسومان بسحب الجنسية من 22 شخصًا، بينهم من اكتسبها بالتبعية. تؤكد السلطات أن هذه الإجراءات تهدف إلى تصحيح أوضاع غير قانونية، فيما يعبر البعض عن قلقهم من تأثير هذه القرارات على الأفراد المتأثرين، خاصة من اكتسبوا الجنسية بالتبعية دون علمهم بالمخالفات. وتم أسماء 20 شخصاً تم سحب الجنسية الكويتية منهم وممن يكون قد اكتسبها معهم بالتبعية.كما نشرت مرسوماً حمل الرقم 90 بسحب الجنسية من شخصين وممن يكون قد اكتسبها معهما بالتبعية.وتم سحب الجنسيات بناء على قرار اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية رقم (10/85-2) لسنة 2025م بشأن فقدان الجنسية الكويتية وعلى المادة (11) من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959م بقانون الجنسية الكويتية، والقوانين المعدلة له،وبعد موافقة اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية.
لطالما كانت قضية الجنسية في الكويت من القضايا الحساسة والمُعقدة، نظراً لتاريخ الكويت وتكوينها الديموغرافي الفريد. فالدولة تسعى جاهدة للحفاظ على هويتها الوطنية، وتطبيق القانون بصرامة لمواجهة أي تلاعب أو غش في الحصول على الجنسية، أو أي تصرفات تُهدد أمنها واستقرارها.
من ناحية أخرى، تُطرح تساؤلات جدية حول مدى تأثير هذه القرارات على النسيج الاجتماعي، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأسر التي تضم أفراداً بوضع قانوني مختلف. فالمواطنة ليست مجرد امتياز، بل هي حق أساسي يترتب عليه مجموعة واسعة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تُشير بعض الأصوات في الأوساط البرلمانية والحقوقية إلى ضرورة وضع معايير أكثر وضوحاً وشفافية لقرارات سحب الجنسية، وتقليص هامش السلطة التقديرية قدر الإمكان. يُطالب البعض بضرورة أن تكون الأسباب التي تُؤدي إلى سحب الجنسية محددة بدقة أكبر، وأن تكون هناك درجات مختلفة للعقوبة تتناسب مع حجم المخالفة، بدلاً من السحب الشامل للجنسية في جميع الحالات.
كما تُثار دعوات لإيجاد حلول إنسانية للأشخاص الذين تُسحب جنسيتهم ويُصبحون عديمي الجنسية، خاصة إذا كانوا لا يمتلكون جنسية أخرى تُمكنهم من العيش الكريم. يُقترح، على سبيل المثال، منح هؤلاء الأفراد إقامة دائمة تُضمن لهم حقوقاً أساسية في الصحة والتعليم والعمل، وتُمكنهم من الاندماج في المجتمع دون أن يُصبحوا عبئاً عليه.
الكويت تسحب الجنسية من 1292 شخصاً في إطار حملة وطنية
في إطار حملة وطنية لمراجعة ملفات الجنسية، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن سحب الجنسية من 1292 شخصاً. تأتي هذه الخطوة في سياق جهود الحكومة لتعزيز الأمن الوطني وضمان عدم استغلال الجنسية.
يُعد دور القضاء في مراجعة قرارات سحب الجنسية محورياً في النقاش حول مستقبل هذه السياسة. فكل حكم قضائي يُصدر في هذا الشأن يُسهم في ترسيخ المبادئ القانونية، وتحديد سوابق تُمكن من تطبيق القانون بشكل أكثر عدالة وشفافية. فالقضاء هو صمام الأمان الأخير لضمان عدم التعسف في استخدام السلطة.
تُسهم التطورات في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي تُشدد على أهمية حق الفرد في الجنسية وعدم جعله عديم الجنسية، في الضغط على الدول لإعادة النظر في سياساتها الداخلية. فالمجتمع الدولي يُولي اهتماماً متزايداً بقضايا عديمي الجنسية، ويسعى إلى إيجاد حلول تُمكنهم من الحصول على هوية قانونية.
في المستقبل، يُتوقع أن تستمر الكويت في سعيها للحفاظ على سيادتها وأمنها، ولكن قد تتجه نحو سياسة أكثر توازناً في ملف الجنسية. هذا التوازن سيتطلب حواراً وطنياً شاملاً يُشارك فيه جميع الأطراف المعنية، من برلمانيين وقانونيين وخبراء في الشؤون الاجتماعية، للتوصل إلى تشريعات تُراعي جميع الأبعاد.
إن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تحقيق هذا التوازن الدقيق بين حماية الهوية الوطنية ومصالح الدولة، وبين ضمان حقوق المواطنة، وعدم إلحاق الضرر غير المبرر بالأفراد والأسر. إنه مسار طويل يتطلب حكمة وبُعد نظر لضمان مستقبل مستقر ومزدهر لجميع أفراد المجتمع الكويتي.